٢- تفسير سورة البقرة الاية ٦ - ٩ الشيخ د.عثمان الخميس

إقرأ

{الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين الرَّحْمـنِ الرَّحِيم مَـالِكِ يَوْمِ الدِّين} والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا وإمامنا وحبيبنا وقرة عيننا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحابته أجمعين ومن سار على دربه إلى يوم الدين وأن معهم برحمته إنه أرحم الرحمين. 

نستمر فيما بدأناه من الكلام على تفسير نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يعظموا كتاب الله تبارك وتعالى وينتفع بما فيه. 

ما زلنا مع أول سورة البقرة ومع قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُون} [سورة البقرة:6] إن الذين كفروا أي في علم الله تبارك وتعالى: { سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُون} قال بعض أهل العلم: إنه هناك من آمن لأن هذه الآية في أهل مكة في قريش، يقول: هناك من آمن بعد ذلك والله تبارك تعالى هنا يقول لنبيه محمد صلى الله عليه واله وسلم: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُون}، مع هذا آمن بعضهم فقال أهل العلم: هذا من العام المخصوص، وإن كان ظاهرها أنها عامة إلا أنها مخصوصة فيكون مراد الله تبارك وتعالى من هذه الآية إن الذين سبق في علم الله أنهم يموتون على الكفر {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُون} لأنه أسلم بعد نزول هذه الآية بعض أهل مكة الذين لم يكونوا قد أسلموا كأبي سفيان وصفوان ابن أمية، وعكرمة بن أبي جهل، وخالد بن الوليد وغيرهم ممن أسلموا بعد نزول هذه الآية، قالوا: فيكون معنى الآية إن الذين سبق في علم الله أنهم يموتون على الكفر سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون. 

ثم قال الله سبحانه وتعالى: {خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيم} [سورة البقرة:7] هنا قضية الوقف أول شيء الختم هو التغطية وإذا ختمت على الشيء أي غطيته وأحكمت غطائه بحيث لا يدخله شيء ولا يخرج منه شيء هذا هو الختم. {ختم الله على قلوبهم} قال بعض أهل العلم: هنا وقف {خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ} تقف ثم تقول: {وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} فيكون الختم على القلب والغشاوة على السمع والبصر هذا قول بعض أهل العلم، وبعض أهل العلم قال: {خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} وقف ثم يبدأ {وعلى أبصارهم غشاوة} فتكون الغشاوة على الأبصار فقط، فالغشاوة إما أن تكون على الابصار فقط وإما أن تكون على الأبصار وعلى السمع، والأمر يحتمل، لكن لما جاءت آية أخرى وهي قول الله تبارك وتعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} [سورة الجاثية:23] فجعل الختم على السمع والقلب، وجعل الغشاوة على البصر فقط فكأن هذا كما ذهب أكثر المفسرين إليه كأن هذا من باب تفسير القرآن بالقرآن، أن القرآن فسر بعضه وبين أن الختم يكون على القلب والسمع وأن الغشاوة تكون على البصر فيكون قول الله تبارك وتعالى: إذاً {خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} أي ختم على قلوبهم وختم على سمعهم، ثم تكون الواو في قول الله تبارك وتعالى: { وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ } هنا واو استئنافية أي جملة جديدة، {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} تكون غشاوة مبتدأ مؤخر وعلى أبصاره تكون خبر مقدم فكأنه قال: وغشاوة على أبصارهم فيكون هكذا معناه وهذا الذي عليه أكثر أهل العلم، وهنا مسألة وهي أن البعض قال: ختم الله على قلوبهم، وختم على سمعهم، وجعل على ابصارهم غشاوة ألا يكون في هذا ظلم لهم؟ بحيث أنهم إذا كانوا كذلك مختوم على قلوبهم ومختوم على أسماعهم، مغشي على أبصارهم إذاً كيف يهتدون؟ كأنهم مظلومون أنهم وقع عليهم الظلم، ولكن قال أهل العلم: هذه من باب قول الله تبارك وتعالى {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [سورة الصف:5] فالله تبارك وتعالى لم يبدأ هذا معهم وإنما هم الذين ابتدأوا بالصد والند والبعد عن الله تبارك وتعالى فجلع الله تبارك وتعالى ذلك عقوبة لهم، فالذي وقع من الله جزاء والذي وقع منهم فعل، فـالختم من الله تبارك وتعالى على القلوب وعلى الأسماع والغشاوة على الأبصار ليس هو ظلم وإنما هو جزاء لعملهم الذي ابتدعواه هم، { قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [سورة طه:125] وكذلك اليوم تنسى أي تترك، ممن بدأ العمل؟ منه، وإنما الذي كان من الله هذا جزائه، هذه العقوبة من الله تبارك وتعالى.

فقول الله تبارك وتعالى: إذاً {خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ} عقوبتاً {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} عقوبة كذلك، والغشاوة هي الغطاء، تسمى "غطوة" وتسمى "عشوة تغطي وجه المرأة"، فالقصد أن قول الله تبارك وتعالى وعلى أبصارهم غشاوة أي غشية أبصارهم لسوء عملهم { وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُون} [سورة الأنعام:110] فهذا كله كان ابتداء منهم ثم كان من الله تبارك وتعالى عقوبة لهم على ما فعلوه. 

ثم قال سبحانه وتعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِين يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُون فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُون} [سورة البقرة:10] أول سورة البقرة كما قال أهل العلم: قسمت إلى ثلاثة أقسام، أول آيات كانت في المؤمنين {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِين  الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون } [سورة البقرة:3] ثم جاء قول الله تبارك وتعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُون} [سورة البقرة:6] ثم الآن جاءت الآيات في المنافقين، وهذه حالة الناس إما مؤمن وإما كافر وإما منافق، والمؤمن طبعاً؛ واحد يقول لي: الآن المؤمنون يتفاوتون هناك السابقون، وهناك أهل اليمين، وكذلك الكفار كذلك يتفاوتون في كفرهم ثم المنافقون، والمنافقون أشد كفراً من الكفار، ولذلك قال الله تبارك وتعالى: { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [سورة النساء:145] لشناعة كفرهم وشدته.

الآن بدأت هذه الآيات في الكلام عن المنافقين يقول الله تبارك وتعالى عن المنافقين: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ} "الناس" يقولون جمع لا مفرد له مثل النساء ما مفرد نساء؟ ليس لها مفرد كذلك الناس قالوا: أنه جمع ليس له مفرد، وقال: بعضهم الناس من الأناس والأناس جمع إنسان، والإنسان سمي إنسان من النسيان لأنه ينسى كثيراً، إذاً قالوا: ما سمي الإنسان إنساناً إلا لكثرة النسيان، وقالوا سمي الإنسان بهذا لاسم من الأُنس لأنه لا يستطيع أن يعيش وحده فيحب الأُنس، والإنسان اجتماعي بطبعه كما يقولون، يحب أن يأنس بالآخرين فسمي من ذلك إنساناً؛ بغض النظر أن قول الله تبارك وتعالى: {ومن الناس} جماعة من الناس وليس كل الناس، والناس إذا أطلقت فإنه يدخل فيها المؤمن والكافر، وأكثر الآيات مكية جاءت بالخطاب بالناس {أيها الناس} وأكثر الآيات المدنية جاءت بخطاب {يا أيها الذين آمنوا} وقليل جداً أن تكون آية مدنية يخاطب {يا أيها الناس} كما في سورة النساء مثلاً، وقليل جداً أن تكون آية مكية يُقال: {يا أيها الذين آمنوا} وذلك لقلة المؤمنين في مكة فكان الخطاب دائماً بالناس، وسورة البقرة مكية والناس مناداة للناس، ولكن الشاهد أن الله تبارك وتعالى يقول: {ومن الناس} أي هناك بعض الناس وليس كلّ الناس، {ومن الناس} أي المنافقون { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِين }، {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُون} [سورة المنافقون:1] فهؤلاء وإن ادعوها بألسنتهم لكن الله تبارك وتعالى لما كان يعلم ما في قلوبهم كذبهم فقال سبحانه وتعالى { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِين } يعني الإيمان بلسانهم ولكن قلوبهم ليست مؤمنة، طبعاً هذا الأمر نحن لا نعلمه لأننا لم نطّلع على ما في قلوب الناس ولكن المطّلع على ما في قلوب الناس هو الله جلّ وعلا ففضحهم سبحانه وتعالى، إذاّ ليس كل من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله يكون صادقاً فيها، لكن مع هذا نحن علينا أن نعامل الناس بما يظهرون، وليس لنا أن نعامل الناس بما نظنه فيهم طالما أظهروا لنا الإيمان نعاملهم على أنهم مؤمنون، وهكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع المنافقين كان يعاملهم على أنهم مؤمنين، فكان يورثهم ويورث منهم ويصلي عليهم، خاصة من لم يظهر كفره يصلي عليهم صلوات ربي وسلامه عليه، ويخرجون معهم للجهاد كما خرجوا في أحد وكما خرجوا في بني المصطلق، كما خرجوا في تبوك مع النبي صلى الله عليه واله وسلم رغم أنهم كانوا منافقين فالأصل في المنافق أنه يعامل معاملة المؤمن، والنفاق إنما ظهر في المدينة ومكة لم يكن فيها نفاق إلا النادر، المنافق هو من يظهر خلاف ما يُبطن، وأهل مكة ما كانوا محتاجين لهذا الأمر لأنه القوة والغلبة كانت للكفار فما كان الكافر لا يحتاج إلى أن يتخفى، كان يُعلن كفره بل إذا أعلن إيمانه أوذي وعُذّب فما كان يحتاج الكافر إلى أن يُخفي كفره فلذلك لم يكن ثمة نفاق  في مكة، وبعد أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لم يكن هذا النفاق هناك حتى كانت غزوة بدر، بعد معركة بدر وانتصار المسلمين وقوت شوكة المسلمين هنا ظهر النفاق لأنهم خافوا على أنفسهم فأظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر فبدأ النفاق في المدينة، والنفاق أصله كما قال أهل العلم: "من النافوقاء" والنافوقاء هو اليربوع، اليربوع يقال له: نافقوقاء وذلك لأنه يحفر في الأرض أكثر من جحر فيكون هذا جحر له وله مخارج بحيث إذا طُرد دخل هذا الجحر واستطاع أن يخرج من آخر فله أكثر من وجه فلما صار المنافق كذلك يلقا المؤمنين بوجه ويلقى الكافرين بوجه {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ} [سورة البقرة:14] فهم لهم أكثر من وجه فكذلك اليربوع له أكثر من جحر فسمي المنافق منافقاً من النافوقاء وهو اليربوع وجحوره.

{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ} اليوم الآخر هو يوم القيامة واليوم الذي هو عبارة عن 24 ساعة مكون من يوم وليلة، والليلة تسبق اليوم. "اليوم الجمعة واللية السبت" نحن الآن في ليلة السبت، فليلة السبت تسبق يوم السبت أم بعده؟ ليلة السبت بعد يوم الجمعة ولكن تسبق يوم السبت "عدل قعدتك كي لا تنام" 

فالليلة تسبق اليوم، ليلة اليوم تسبق يومها فيوم السبت لم يأتي بعد ولكن ليلة السبت دخلت فسمي اليوم الآخر لأن ليلته قد مضت وهو آخر يوم ليس بعده ليلة، وبالتالي ليس بعده يوم، ولذلك سمي باليوم الآخر أي آخر يوم في هذه الدنيا وهو يوم القيامة، وسمي باليوم الآخر لأجل هذا الأمر يعني ليس بعده يوم، خلاص هو يوم أبدي سرمدي هذا اليوم الآخر يوم أبدي سرمدي، كما قال النبي صلى الله عليه واله وسلم (يؤتى بالموت على صورة كبش فيذبح بين الجنة والنار ثم يُقال لأهل الجنة خلود ولا موت ويقال لأهل النار خلود ولا موت) فلا يموت هؤلاء ولا ألئك ولا ينام هؤلاء ولا الئك خلاص هذا هو اليوم الآخر

{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ} أي يوم البعث، وكذبهم الله تبارك وتعالى فقال: {وَمَا هُم بِمُؤْمِنِين} أي أنهم يدعون كذباً، لماذا يدعون الكذب؟ قالوا ليحفظوا دمائهم وأعراضهم وأموالهم لأنه النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعوا الكفار إلى الإسلام، دعا المشركين، دعا اليهود، فهؤلاء لا يدخلوا في دين الله وفي الوقت ذاته ولا يستطيعون أن يواجهوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا نحن نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله.

وكما قال الله تبارك وتعالى {يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ} أي في ظنهم أنهم استطاعوا أن يخدعوا الله وأن يخدعوا الرسول والمؤمنين معه، {يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ} هم لا يخدعون إلا أنفسهم، لماذا؟ لأن الله مطلع على ما في قلوبهم ويعلم أنهم كاذبون، بل وفضحهم في أكثر من آية.

أما المؤمنين ينقسمون إلى قسمين، قسم من المؤمنين عَرَفوا بعض المنافقين كما قال الله تبارك وتعالى {فلعرفتهم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُم} [سورة محمد:30]، بعض المنافقين يظهر نفاقه، ما يستطيع أن يخفيه طول حياته أحياناً تظهر منه بعض الأعمال كعبد الله بن سلول مثلاً، فتظهر بعض أفعالهم لتدل على نفاقهم، وبعض المؤمنين يمر عليهم أم لا يمر؟ ها؟ يمر عليهم ولا ندري عنه، أنا لا أتكلم عليكم وأقول فيكم منافق الحين وأنا أعرفه وأنتم لا تعرفونه ما أتكلم عنكم، ولكن في المجتمع هل فيه منافقين أم لا؟ نعم فيه. طيب في كل مكان هل كل الناس يظهرون لك ما في قلوبهم؟ أبداً فقد يكون يظهر لك البشّر والمحبة وقلبه يَلعنك؛ فالقصد إذاً أن هؤلاء يظنون أنهم يخادعون الله والذين آمنوا، أما خدعهم لله لا يمكن لأنه {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُور} [سورة غافر:19] سبحانه وتعالى أما خَدعِهم للمؤمنين فهذا وارد، ولكن الله تبارك وتعالى قال {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم} لأنهم هم المتضررون لأن هم المتضررون لأن المؤمنون الذي انخدعوا بهم لا يتضررون، والله لم ينخدع بهم إذاً لم يتضرر. إذا من المتضرر؟ هم. { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [سورة النساء:145] إذاً من المتضرر؟ هم.

{ وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم} وجاءت فيها قراءة {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُون} لجهلهم لا يشعرون بهذا الفعل الشنيع الذي يفعلونه. 

نقف هنا إن شاء الله تعالى حتى لا نأخذ الوقت كله عليكم، والله أعلى وأعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد. 

شارك